عيد يناير: احتفالات رأس السنة الأمازيغية 2969
يحتفل الأمازيغ في الجزائر وبلدان
المغرب العربي برأس السنة الأمازيغية، عن طريق إحياء طقوس جذورها ضاربة في التاريخ
القديم حيث أنها تتخذ أشكالا عديدة، منها إعداد أطباق تقليدية وأكلات شعبية متوارثة
عبر الأجيال، وكذلك توزيع الفواكه و الحلويات على الأطفال، و التزين ولبس الجديد
من أجل الخروج لمعايدة الأهل والأقارب والجيران في أجواء تبعث على البهجة وتحافظ
على التراث الأمازيغي في المغرب العربي.
الجذور
التاريخية لعيد يناير:
هناك العديد من الأساطير و القصص المختلفة
حول تاريخ هذا الإحتفال من بينها أن الأمازيغ يحتفلون بيناير ليبارك موسمهم الفلاحي وذلك لارتباطهم
بأرضهم، لكن هذه الرواية لم يتم تداولها كثيرا عكس ما جاء في أسطورة أخرى وهي
الأقرب إلى الحقيقة، حسب عدد من المؤرخين في بلدان المغرب العربي، وهي انتصار
الزعيم الأمازيغي شيشناق على رمسيس الثاني، فرعون مصر، واستطاعته (شيشناق) تولى
حكم مصر وحمل لقب الفرعون، حيث قام بتأسيس حكم أسرته “الأسرة الثانية والعشرين” في
عام 950 -قبل الميلاد- والتي حكمت قرابة قرنين من الزمان.
أصل
كلمة يناير عند الأمازيغ:
يناير هو كلمة مركبة من “ين” وتعني
واحد و”ير” وتعني الشهر الأول، وبالأمازيغية “يناير” هي “إخف أوسقاس”، والمقصود
بها كذلك أول شهر في الروزنامة الفلاحية للأجداد.
كما ان تسميات الاحتفالات برأس السنة
الامازيغية تختلف بين “ينَاير” و”املالن”، أو “اقورارن”، بحسب اختلاف اللهجات
الأمازيغية الموجودة في الجزائر، وكذا إختلاف طقوس الاحتفال من منطقة إلى أخرى ولو
كان إختلافا بسيطا.
الإحتفالات
برأس السنة الأمازيغية 2969 الموافقة لــ 2019.01.12:
يحتفل الأمازيغ الجزائر يوم السبت
2019.01.12 بـ”يناير”، وهو رأس السنة الأمازيغية الجديدة 2969، ويصادف يوم 12
يناير سنويا، حيث تنطلق الأجواء الاحتفالية في ربوع الجزائر قبل أسبوع من تاريخ
الإحتفال، من تزين للشوارع بموائد لعرض أنواع مختلفة من الحلويات و الأكلات
الشعبية المتوارثة وإحياء تقاليد مميزة، كتحضير أطباق ومأكولات خاصة، أبرزها
“الكسكسي” و“الشخشوخة” و“الرشتة” وذلك حسب كل منطقة، أما التحلية فتكون بالفواكه
المجففة، مثل التمور والتين والمكسرات.
كما تقوم ربّات البيوت بتحضير ما يعرف بـ“الشرشم”
وهو قمح مطبوخ يؤكل في هذه المناسبة تأملا في سنة بها محصول قمح جيد، إضافة إلى
تنظيم حفلات تعكس تراث المناطق الجزائرية التي ينتشر فيها الأمازيغ.
ومن العادات السائدة في منطقة القبائل
و المتوارثة عن الأجداد، هي حلق شعر المولود الذي يبلغ سنة من عمره عند حلول هذه
المناسبة، حيث تخصص له أجمل الثياب ويوضع داخل قصعة كبيرة لترمي فوقه امرأة متقدمة
في السن مزيجا من الحلويات والمكسرات والسكر والبيض، وهو ما يجلب الحظ له حسب
معتقداتهم.
والاحتفال برأس السنة الأمازيغية "يناير"
له طقوس خاصة بالغرب الجزائري، حيث يكمن الاحتفال في تحضير ربات المنازل للكسكسي
بالدجاج والبيض، وتشتري العائلات مجموعة معتبرة من المكسرات والحلويات التي يتم
رميها على أصغر فرد في العائلة حتى تكون السنة الأمازيغية فأل خير على الطفل وعلى
أفراد العائلة، وتكون سنتهم صافية كحياة الطفل ويتم توزيع الفأل على الناس، أما في
الشرق الجزائري، فالاحتفال برأس السنة الأمازيغية يختلف عن باقي المناطق، خاصة وأن
سكان الأوراس يقومون بتغيير الموقد التقليدي المتكون من الأحجار والرمال التي يطهى
عليها الأكل، وبعد العشاء تقوم العائلات بتنظيم سهرة خاصة بحضور التراز والفول
السوداني والشاي على الطاولة.
ترسيم عيد رأس السنة الأمازيغية كعيد
وطني في الجزائر:
تعتبر الجزائر أول دولة في شمال
أفريقيا تقر رأس السنة الأمازيغية كعيد وطني وتمنح العمال عطلة رسمية مدفوعة الأجر،
حيث أصدر الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، قراراً باعتبار 12 يناير من كل
سنة عطلةً وطنية رسمية مدفوعة الأجر، و يأتي ذلك في إطار جهود الدولة الرامية إلى
ترقية التراث واللغة الأمازيغية.
إهتمام
الحكومة الجزائرية بالإحتفالات بيناير:
من ضمن اهتمامات الحكومة الجزائرية
برأس السنة الأمازيغية، وجهت وزارة التربية، كل مديريات التربية إلى الاحتفال
بـ”يناير” عبر تنظيم فعاليات في جميع المؤسسات التعليمية بمراحلها الثلاث
(الابتدائي والمتوسط والثانوي) وذلك يوم 2019.01.10، وتنظيم برامج بالتنسيق مع
مديريات الثقافة و السياحة و الفلاحة و البيئة.
تعليمة وزارة التعليم خاصة بالإحتفالات برأس السنة الأمازيغية |
واحتفالا بـ“يناير”، تنظم وزارة
الثقافة كذلك، عبر مختلف مؤسساتها، محاضرات فكرية وعلمية يقدمها أكاديميون
وباحثون في التراث والحضارة واللغة الأمازيغية، فضلا عن إقامة معارض للصناعات
التقليدية، وحفلات موسيقية ينشط فيها فنانون جزائريون.
ليست هناك تعليقات